الكعبــة
الموقــع:
تقع في وسط المسجد الحرام ويحيط بها ثلاث دوائر، الأولى: دائرة المسجد، والثانية: دائرة الحرم، والثالثة: دائرة المواقيت.
التأسيـس:
لما قدم إبراهيم(ع) مكة مع ابنه إسماعيل أمره الله تعالى أن يبني له بيتاً فشرع إبراهيم(ع) يبني وإسماعيل(ع) يناوله الحجارة ويقولان: {ربنا تقبّل منا إنك أنت السميع العليم} ولما فرغ إبراهيم(ع) من بناء البيت أمره الله تعالى أن يؤذن في الناس بالحج، وللكعبة أسماء كثيرة منها البيت العتيق، والبنية، نادر، القرية القديمة، قادس، الدوار، وسماها القرآن الكريم "بيت الله".
التوسعة والإعمار:
بنيت الكعبة مرات عديدة بعد بناء إبراهيم الخليل(ع) لها، فقد كانت بعد أن أتم إبراهيم بناءها، بطول يبلغ 30 ذراعاً مع الحجر وهو سبعة أذرع، وعرض مقداره 22 ذراعاً وألصق مقام إبراهيم(ع) بالبيت، وحفر إبراهيم داخل البيت بئراً لتكون خزانة له يوضع فيها ما يهدى إليها، ولم يجعل للبيت سقفاً ولم يضع على بابيها أبواباً تفتح وتغلق. بعد موت إسماعيل(ع) عن عمر 137 سنة قام أكبر أولاده وهو "نابت" بالإشراف على الكعبة والاهتمام بها، وبعده انفرد زعماء "جرهم" بالإشراف عليها بعد التغلب على أولاد إسماعيل، وظلوا يشرفون عليها 300 سنة، ومن بعدهم تولّت قريش على يد زعيمها قصي بن كلاب شؤون الكعبة الذي وسّع البناء حولها، فبني سنة440م دار الندوة واتخذ من الأرض المجاورة للكعبة حرماً، وكان تبابعة اليمن (من قوم تبع) أول من كسا الكعبة كسوة كاملة (بالملاء والوصائل) وهي ثياب مصنوعة في اليمن، وقد بلغت الكعبة ومكة ذروة مجدها في العصر الجاهلي زمن زعامة عبد المطلب.
في حياة رسول الله(ص) وقبل مبعثه حيث كان عمره 35 سنة أصاب الكعبة حريق صدع بنيانها وأوهن حجارتها، ولما ترددت قريش وحارت في أمرها تقدم الوليد بن المغيرة فاقتلع أول حجر فيها، وشارك النبي(ص) في بنائها مع بني هاشم فتمّ بناؤها على ارتفاع 18 ذراعاً (7م) بزيادة 9 أذرع عمّا كانت عليه في بناء إبراهيم(ع) وتمّ توسيع الحجر، ورفعوا باب الكعبة في مصراع واحد ليدخلوا من شاءوا، ويمنعوا من شاءوا، وسقفوها وجعلوا لها ميزاباً لتصريف ماء المطر.
سنة 65هـ/684م، أعاد عبد الله بن الزبير بناء الكعبة بعد رميها بالمنجنيق في عهد يزيد بن معاوية وتهديم أجزاء كثيرة منها، حيث تمّ بناءها على قواعد إبراهيم(ع)، وعمل لها باباً وأدخل الحجر فيها، وبذل ابن الزبير جهوداً في تجميلها حتى أنه حمل من صنعاء الفسيفساء التي كان بناها أبرهة الحبشي في كنيسته التي اتخذها هناك.
سنة 73هـ، أعاد الحجاج بن يوسف الثقفي بناء الكعبة بعد أن هدمها أثناء محاصرته لعبد الله بن الزبير فيها، وجعل لها باباً واحداً بأمر من عبد الملك بن مروان، وسدّ الباب الذي فتحه ابن الزبير وأعاد الركنين، وجعل في الحجر من البيت دون سبع أذرع وهذا البناء هو الخامس الموجود الآن.
في زمن الوليد بن عبد الملك وفي سنة 91هـ بعث إلى واليه على مكة خالد بن عبد الله القسري بـ26 ألف دينار ذهب فضرب منها على باب الكعبة صفائح الذهب وعلى الميزاب وعلى الأساطين في جوف الكعبة وعلى أركانها، ويعتبر الوليد أول من ذهّب البيت في الإسلام، وكان قبله عبد المطلب في العصر الجاهلي قد حلّى الكعبة بغزالين ذهبيين كان قد عثر عليهما في بئر زمزم عند قيامه بإعادة حفرها فضربهما في أبواب الكعبة.
وفي عهد المهدي العباسي في سنة 160هـ نزعت الكسوة التي كانت على الكعبة وكساها كسوة جديدة.
وفي سنة 629هـ عمّر المستنصر العباسي الركن الشمالي للكعبة أثر تضعضعه بسبب زلزلة.
سنة 960 هـ بدّل السلطان سليمان القانوني سقف الكعبة.
وفي سنة 1039 في عهد السلطان العثماني مراد الثالث ضعفت جدران الكعبة بسبب السيول التي شهدتها مكة، وأوشكت جدرانها على الانهدام فأقاموا بناءً ثانوياً قوياً واستبدلوا ما ضعف ووهن من الأحجار التي بنى بها ابن الزبير، كما عالجوا الحجر الأسود بتقويته بسيور من الفضة بعد أن تصدّع.
سنة 1273هـ، أرسل السلطان العثماني عبد المجيد ميزاباً من الذهب إلى الكعبة وهو موجود فيها الآن.
المعالـم:
الكعبة بناء فخم يمثل حجرة كبيرة مرتفعة البناء مربعة الشكل تقريباً يبلغ ارتفاعها15 متراً وطول ضلعها الذي فيه الميزاب والذي قبالته10،10م، وطول ضلعها الشرقي الذي فيه الباب والذي قبالته 12 م، وبابها على ارتفاع2م من الأرض.
الواجهتان الظاهرتان هما: الواجهة الشرقية والجنوبية، وترى فيها الكسوى وحزامها المقصب وإزارها الأبيض وستارة الباب المطوية في جدارها الشرقي ميل إلى الشمال بنحو 20 درجة، وكذلك يميل جدارها الشمالي إلى الشرق 20 درجة، وعتبة بابها مصفحة بصفائح الفضة، وطلي مصراع الباب بالذهب.
بنيت الكعبة بطبقات متتالية من الحجارة ذات الحجم الكبير واللون الأزرق (الرمادي) وهي تقوم على قاعدة من المرمر، وبداخل الكعبة ثلاثة أعمدة من الخشب الجيد قطر الواحد منها ربع متر، وفي يمين الداخل للكعبة زاوية الركن الشمالي الشرقي باب يصعد منه على مدرج أعلى الكعبة يقال له باب التوبة مسدولة عليه ستارة من الحرير المزركش، أرضها مفروشة بالرخام وجدرانها مؤزرة من الداخل برخام ملون بنقوش بديعة، وكذلك سقفها الذي علقت فيه الهدايا، وفرش سطحها بألواح من المرمر وبدائرة من الجهات الأربع حلقات تربط بها الكسوة الخارجية حتى تكون مسدولة على الجدر وعلى ارتفاع ثلثي الكسوة يدور حزام من التطريز المذهب مغطى بآيات قرآنية وكسوة الكعبة من الحرير الأسود من نسيج مصوغ في مصر مكتوب فيها (الله جلّ جلاله لا إله إلا الله محمد رسول الله) وهنالك ألواح رخامية تلتصق بجدران الكعبة تؤرخ لمن اعتنى بها.